البلاغ المبين في القرآن الكريم وتوظيفه في تطوير الخطاب الدعوي المعاصر

الملخص

يُعَدُّ مفهوم البلاغ المبين من المفاهيم القرآنية الأساسية في العمل الإسلامي، إذ يتكرر ذكره في القرآن الكريم، باعتباره جوهر مهمة الرسل - عليهم السلام- ومع ذلك لم يحظَ بالدراسة الكافية، مما أدى إلى غياب مفهومه عند كثير من القائمين بعملية الدعوة إلى الله تعالى، حتى ظن البعض بأنه مجرد كلمات تكتب، أو خطب تشحن مشاعر الناس بالحماس، دون النظر إلى ضرورة أن يكون البلاغ مبينًا، تبرأ به ذمة المبلِّغ، وتقوم به الحجة على المبلَّغ، ومن هنا، تأتي أهمية هذا البحث، الذي يسعى إلى دراسة مفهوم «البلاغ المبين»، كما ورد في القرآن الكريم، وتحليل خصائصه وأساليبه، وبيان كيفية توظيفها في تطوير الخطاب الدعوي المعاصر.
يعتمد البحث على المنهج الاستقرائي التحليلي، ويتناول الموضوع من خلال مبحثين رئيسين، الأول: مفهوم البلاغ المبين في القرآن الكريم، وخصائصه، وأهميته، والأخير: أساليب البلاغ المبين في القرآن الكريم، وكيفية توظيفها في الخطاب الدعوي المعاصر، ويركّز البحث على ثلاثة أساليب رئيسة، وظّفها القرآن الكريم في البلاغ المبين لإقناع المخاطبين والتأثير عليهم: الأسلوب الحسي: القائم على المشاهدات والتجارب المحسوسة، والأسلوب العقلي: الذي يعتمد على الحجة والمنطق والاستدلال، والأسلوب العاطفي: الذي يخاطب القلوب والمشاعر والوجدان، وتوصّل البحث إلى عدة نتائج مهمة، أبرزها: حاجة الدعاة والمؤسسات الدعوية إلى فهم خصائص البلاغ المبين وأساليبه، والحرص على تطبيقها في الخطاب الإسلامي، وضرورة إعادة النظر في أساليب الخطاب الدعوي المعاصر، بحيث يكون واضحًا، مقنعًا، ومتدرجًا، وفقًا لمنهج القرآن الكريم، وأن «البلاغ المبين» ليس مجرد إيصال للمعلومة، بل هو خطاب متكامل يجمع بين البيان القوي، والحجة الواضحة، ومراعاة حال المخاطبين، مع تقديم القدوة الحسنة، وامتلاك الأساليب القرآنية، قدرةً على مواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية، مما يجعلها نموذجًا يمكن تفعيله في الواقع المعاصر، من خلال توظيف الوسائل الحديثة، والاستفادة من الإعلام والتقنية، لتعزيز الفاعلية الدعوية، ومواكبة المتغيرات، والتصدي للتحديات الراهنة.